فوبيا الزواج

موضوع: فوبيا الزواج الجمعة مارس 19, 2010 11:33 am

رفعت سماعة الهاتف وشكلت الرقم، عاد صوت طنين الهاتف قويا من الجهة الأخرى وكان يزداد كلما انتظرت أكثر.

يا إلهي متى ترد هذه الممرضة أحاول منذ ساعتين الاتصال بها لكنها تأبى الرد؟ فجأة سمعت الصوت.

- ألو عيادة الدكتور "محمد عبد الله"

- صباح الخير سيدتي أود أن أحجز موعدا لي هل أستطيع الحضور غدا الثلاثاء.

- أعتذر منك هل هي أول زيارة لك؟

- فعلا، وأريد حجز موعد ليوم غد.

- آسفة سيدتي الحجز انتهى بالنسبة للغد.

- فكرت بينها وبين نفسها....الحجز انتهى ليوم غد يبدو أن مرضاه كثر.

- ومتى يمكنني الحصول على موعد؟

- يوم الخميس على الساعة 11:00 صباحا هل يناسبك الموعد أم تريدين أن أغيره لك؟

- وإن غيرته متى ستحددين لي الموعد الجديد ؟

- الأسبوع المقبل.

- ماذا الأسبوع المقبل هذا كثير أنا موافقة. الخميس اتفقنا.

جاء الخميس وهاهي تضغط على جرس العيادة وتقرأ الدكتور "محمد عبد الله" أخصائي في الأمراض النفسية والعصبية كانت خائفة مع أنها تبدو في الظاهر قوية وصلبة بل أظهرت سعادة كبيرة لأختها عندما أخبرتها أنها ستزور طبيبا نفسيا لكنها في واقع الأمر لم تخبرها عن السبب الحقيقي للزيارة فقد قالت أنها لطالما أرادت زيارته. التجربة في الأساس هو ما يغريها ويدفعها للذهاب عنده لكنها في حقيقة الأمر كانت تعيش حالة خوف من موضوع جديد دخل حياتها و خجلت من مصارحة أختها وستصارح اليوم الطبيب هذا إذا استطاعت إنهاء التجربة كما تتمنى.

فتحت لها ممرضة ممتلئة الجسم قابلتها بابتسامة قائلة أهلا سيدتي تفضلي, ابتسمت في وجهها ابتسامة مقتضبة فهي نفسها الممرضة التي جعلتها تعبد الهاتف حتى ترد ولم تفعل إلا بعد محاولات مضنية وكأنها تتصل بالمريخ ولو كان المريخ لأجاب.

قطعت الممرضة أفكارها عندما وجهت لها السؤال قائلة: هل لديك موعد سيدتي؟

نعم لقد حجزت يوم الاثنين.

هلا تفضلت بإعطائي الاسم من فضلك؟

نعم نعم الآنسة "نادية محمد".

آه فعلا اسمك هنا ستكونين أنت المريضة الثالثة لليوم تفضلي إلى قاعة الانتظار وسأناديك عندما يحين دورك.

دخلت نادية إلى قاعة انتظار السيدات ألقت التحية واختارت مقعدا أمام النافذة فبذلك تتاح لها الفرصة لرؤية الشارع وبذلك تلهي نفسها إلى أن يحين موعدها كانت تحمل في حقيبة يدها كتابا كعادتها ولكنها لم ترد اليوم أن تقرأ شيئا كان بالها مشغولا مع أن كتاب أمين معلوف "رحلة بالداسار " شغل في الأيام الأخيرة وقتها بشكل كبير لكن التواجد في عيادة طبيب نفسي لم يكن أمرا مريحا بالنسبة لها خاصة وأنها لاحظت من دخولها ذهول شابة في وجهها كانت تلك الشابة تجلس إلى جانب عجوز والاثنان تائهتان. وفي الطرف الآخر من الغرفة امرأة لم تستطع نادية تحديد عمرها بسبب نحولها الشديد وعيناها المتعبتان وكأنها لا تنام.

ما لبثت تلك العجوز الجالسة مع تلك الشابة أن بدأت بالكلام قائلة لا تخافي يا ابنتي منها إنها تبدو و كأنها تنظر إليك لكنها في واقع الأمر لاتراك بل هي ساهمة ثم تنهدت وقالت كانت كالوردة المتفتحة لكنها ومذ حاول أخو زوجها الاعتداء عليها ثم تصديق زوجها لأخيه واتهامه لها بالغانية الفاجرة فلم تتحمل ذلك وانهارت أعصابها كانت تحب زوجها كثيرا وهاهو حبها له يتحول إلى بلاء.

شدت قصة الفتاة نادية فسألت لكن كيف استطاع أخو زوجها أن يعتدي عليها أين كان زوجها؟ إنه يعمل بعيدا عن المنزل هو يعود في نهاية الأسبوع فقط وأخوه وحش لم يرحم حتى حرماته وهاهي اليوم ابنتي تدفع الثمن لقد طلقها ورماها رمية الكلاب فقد اعتبرها المذنبة ففي رأيه ابنتي هي من أغوت أخاه .

تنهدت العجوز مرة أخرى وسكتت فجأة وكأنها تسكت عن كلام لم تستطع البوح به أو خجلت أن تقوله فلم تتوقع يوما كأم أن يحدث ذلك لابنتها التي كانت كالوردة المتفتحة في يوم من الأيام.

ضحكت تلك المرأة النحيلة في الجهة المقابلة ضحكة ساخرة وقالت الرجال هم دوما سبب بلائنا لقد أوصلني إلى طبيب المجانين بسب استهتاره.

فأنا كنت عانسا رائعة أعيش حياتي بهدوء تزوجت ومن يومها لم أرى يوما جميلا من مشكلة لأخرى حتى وصلنا إلى طبيب المجانين لقد انهار زوجي وجن بعد أن تم الحجز على أمواله بسب ديونه التي راكمها ظنا منه أنه يحسن حياتنا فكانت النتيجة خسارتنا لكل شيء حتى سقف يأوينا واليوم نحن مشردون ومجانين أيضا وضحكت من جديد ولكنها تلك الضحكة التي يطلقها الإنسان للتعبير عن سوء الوضع.

بقيت نادية صامتة لا تتكلم فقد زاد خوفها ورأت أنها لو تكلمت عن مشكلتها كانت النساء اللاتي في القاعة سيطرحنها أرضا ويشبعانها ضربا فما تعانيه هو نقطة في بحر همومهن

عندما حان دورها أحست بأنها تحررت من ضغط كبير فوجودها في نفس القاعة مع نساء مثقلات بهموم حقيقة مقارنة بهمها الذي لو طرحته عليهن لاتهمنها بالجنون فعلا.

طرقت الباب ودخلت حييت الدكتور وارتاحت على كرسي مقابل له.

مرحبا آنستي لست مخطئا أليس كذلك فأنت لا تزالين آنسة ؟

نعم أنا آنسة.

من اللباقة ألا نسال نحن الرجال النساء عن سنهن لكن بما أني دكتور هل لي أن أعرف عمرك؟

أنا في 28 من عمري وأقارب 29.

لا تبدين كذلك فأنت تظهرين أقل عمرا.

شكرا لك على كلامك اللطيف لكني لم أكن أعرف أن الأطباء النفسين خاصة يجاملون مرضاهم.

فعلا نحن لا نجامل مرضانا، لذلك فأنا أقول الحقيقة. لكن هل تعرفت من قبل على طبيب نفسي؟

إذا كنت تقصد أني معتادة على زيارة الأطباء النفسيين فالإجابة لا.

دعنا من هذا دكتور أنا أتيت إلى هنا بسب مشكلة وأريد منك مساعدتي لأحلها.

الأطباء النفسيون لا يحلون المشاكل هم فقط يشرحون لك المشكلة. لأننا نؤمن أن المشا كل النفسية تُعالج إذا وعى المريض أنه يواجه مشكلة فعلا.

لكني أنا أعرف أني أعاني مشكلة ومشكلتي هي الرهاب.

أتخافين,مما؟

أنا أخاف من الارتباط.

إذا أنت تظنين أنك مريضة "بفوبيا الارتباط" لكنه يمس الرجال أكثر هل علمت بهذا أيضا؟

نعم علمت بهذا لكن ولسوء حظي كالعادة ها أنا أصاب به، أنا مريضة وأحتاج إلى مساعدتك كي أتخلص من هذا المرض.

تبدين متعلمة وجدا حتى تتمكنين من تفسير مرضك وتتوجهين وحدك عند الطبيب النفسي لتتعالجي.

أنا أعرف ما يجب أن أعرف وما أحب أن أعرف.

ولما أنت مقتنعة بأنك مريضة؟

اسمعني، أنا لا أسمح لأحد بالتقرب مني وإن حصل وتقرب مني أحد فأنا أخلق ألف سبب لأبعده عني.

هل كانوا كثيرين؟ أقصد من حاولوا الاقتراب منك.

لم يكونوا كثر ولكن وجد البعض منهم.

ومن المؤكد أن هناك أحد هذه الأيام يحاول التقرب منك وأنت تعملين على إبعاده.

فعلا حاولت مرة واثنان وثلاثة لكنه يذهب ويعود يقول أنه متعلق بي و بشدة

وأنت؟ أنا ماذا يا دكتور إني أقول لك أني أعمل على إبعاده بكل الطرق اللبقة.

لماذا لا تكلميه مباشرة وتقولي أريد أن أنهي هذه العلاقة ؟

حاولت مرات ومرات لكنه إنسان طيب وأنا إنسانة شريرة جاحدة للنعمة لا أقدر الفرصة التي أملكها بين يدي.

حاولي مرة أخرى لن تخسر شيئا.

بصراحة دكتور لا أريد أن أشعر بالندم فهذا الشعور السيئ لا أريد أن أختبره مرة أخرى

إذن كانت لك تجربة فاشلة من قبل؟

مع الرجال؟ لا لقد أخبرتك لم أفتح الباب لطالما أوصدته وحتى من استطاع الدخول أخرجته بسرعة .

أوه, بدأت أقتنع بكلامك بأنك تعانين رهاب الارتباط فعلا ، لكن مشكلة مثل هذه في أغلب الأحيان تعود أسبابها إلى الطفولة أو المراهقة ، هل تعرضت في صغرك إلى اعتداء من رجل؟ لا لم يحدث مثل هذا الأمر أبدا.

كيف كانت علاقة والديك ببعضهما البعض؟

كانت سيئة على العموم.

إلى أي مدى يصل هذا السوء؟ إذا كنت تقصد من سؤالك أن العلاقة السيئة التي كانت تربط والدي كان لها تأثير على نفسي فلن أنكر فلقد جعلني أبي أكره الرجال لفترة طويلة وقد لا أزال لكني لا أحس بهذا.

بصراحة دكتور لقد قررت وأنا مراهقة أن أبتعد عن الرجال لسببين الثاني هو نظرتي لأبي

كان هذا الثاني؟هل لي أن اعرف الأول؟ سكتت ثم قالت: سأصارحك، لقد كنت أظن أني لست امرأة شريفة لفترة من الزمن،تعرضت في صغري لحادث كان هذا الحادث منسيا ولكني عندما كبرت وأصبحت في سن المراهقة تعرفت على الموضوع وأهميته بالنسبة للرجال وأقر أنه حقهم بالتالي ما دمت لا أملكه قررت بيني وبين نفسي أن أبتعد عن عالم الرجال كي لا أجلب العار لنفسي ولأهلي لكني بعدما عشت لسنوات بهذا السر قررت أن أذهب وأزور طبيبة نسائية بعدما عرفت أن الحادث قد لا يكون قد أضاع شرفي ويومها كانت النتيجة لصالحي فقد اكتشفت أني لا أزال شريفة واني أصلح أن أكون زوجة لكني في نفس الوقت وجدت نفسي أواجه نفسي بمشكل جديد ألا وهو خوفي من ضياع استقلالي بنفسي لقد عودت نفسي بسبب حالتي تلك على فكرة الوحدة و العنوسة لكن كل هذا تغير بوجود هذا الرجل الذي يصر على الدخول.

إنها فرصة جيدة لك قال الدكتور, وقام ليعود للجلوس على كرسيه بعدما انتقل إلى الجلوس قبالتها ليشجعها على الحديث.

هل يستطيع المجيء للقائي؟

من دكتور؟

هذا الرجل، هذا الذي يصر على الارتباط بك وأنا أوافقه في ذلك فأنت مميزة، أريد أن أراه

ابتسمت نادية لكلماته المشجعة وقالت آه دكتور, إنك لا تعرف كيف ينظر الناس للمريض النفسي وطبيبه.

لا، أعرف جيدا لكني أود فعلا مقابلته فجزء من العلاج يعتمد عليه.

انسي إذن دكتور لأنني عندما أخبرته بالأمر فزع وقال لا قدر الله وكأني مصابة بالايدز

حاولي معه فقد يقبل.

لن أفعل دكتور، ثم قامت وقالت سأذهب الآن لقد اكتفيت.

لكننا لم ننتهي بعد.

بالنسبة لي انتهى الأمر، سأرى ما سأفعل.

هل ستأتين لزيارتي مرة أخرى وتخبريني ماذا فعلت؟

سأرى دكتور، مع السلامة وأشكرك على إصغائك، لا تنسي، رد الدكتور بابتسامة مشرقة إنه عملي الذي أتقاضى عليه مالا.

ومهما كان الأمر مكلفا فهو يستحق العناء لقد ارتحت كان الأمر يتعبني ولم أجد أحدا أناقشه في وضعي فمجرد استماعك لي ولو بالنقود أمر مريح. ألا تعلم أننا أصبحنا نشتري راحتنا بالنقود؟

يوما سعيدا دكتور أعدك بأنني سأعود.

خرجت من العيادة وهي مرتاحة بعض الشيء ومطمئنة للخطوة القادمة التي ستقوم بها فقرارها اتخذته وستنهي هذه العلاقة لأنها لا تريد أن تعذب نفسها وتعذب الآخرين معها.

انتهت

موضوع: رد: فوبيا الزواج الجمعة مارس 19, 2010 3:16 pm

مششششكور أخ

» حكم الزواج المدني
» الى من تأخرت عن الزواج تقرأ هذا الموضوع